"كان لنشر الفيلم البذئ الذي قصد به الإساءة إلي شخص خاتم الأنبياء والمرسلين- صلي الله عليه وسلم- في يوم11 سبتمبر سنة2012 م دلالة علي ارتباطه بالذين خططوا للهجمات الإنتحارية علي كل من نيويورك وواشنطن في11 سبتمبر سنة2001 م".
بهذا استهل العالم الكبير الدكتور زغلول النجار مقالته في " الأهرام " مضيفاً أن هذه الهجمات المجنونة قد هزت مشاعر العقلاء في العالم بأسره.
ووقفوا في ذهول عاجزين عن فهم القوي الخفية التي خططت لها, ووقفت من ورائها, والدوافع الحقيقية لهذا الحادث الأليم الذي راح ضحيته قرابة ثلاثة آلاف قتيل من الأبرياء. كذلك بلغت خسائره المادية مئات المليارات من الدولارات, بالإضافة إلي فقد مئات الآلاف من الوظائف, بينما بلغت خسائره المعنوية والسياسية أضعاف أضعاف ذلك!!
وأشار إلى أن الناس تفرقوا حيال ذلك إلي مجموعات ثلاث علي النحو التالي:
أولا: رأي روجت له الإدارة الأمريكية وإعلامها المملوك للصهاينة بأن الذين قاموا بتلك الهجمات الإنتحارية هم مجموعة من المقاتلين المسلمين الذين شاركوا في الجهاد علي أرض أفغانستان.
ثانيا: رأي يقول بأن الذين قاموا بهذه الهجمات هم قوة عسكرية عالية التدريب, وعميقة الجذور في التربة الأمريكية من مثل اليمين الأمريكي المتطرف, أو الموساد الإسرائيلي. ويؤيد ذلك غياب جميع اليهود من موظفي البرجين في هذا اليوم بالذات, وتهديد تيموثي ماكفي اليميني الأمريكي المتطرف وهو يساق إلي ساحة الإعدام بإحراق أمريكا بالكامل.
وقد حكم عليه بالإعدام لقيامه بتفجير أحد الأبنية الحكومية الكبيرة في مدينة أوكلاهوما بتاريخ 19/ 4/ 1997م, وكانت كل وسائل الإعلام الأمريكي قد نسبته إلي المسلمين, ثم اتضحت حقيقة المجرمين الذين قاموا بهذا التفجير الآثم وهم اليمين الأمريكي المتطرف. كذلك يؤكد هذا الرأي أن خمسة من الإسرائيليين ضبطوا علي سطح عمارة قريبة من مركز التجارة العالمي وهم يصورون الحادث لحظة ارتطام الطائرات به.
وقد جاء هذا النبأ في عدد من وسائل الإعلام الأمريكي الذي ذكر أنه ثبت دخولهم إلي الأراضي الأمريكية بطرق غير مشروعة. وقد تم القبض علي هؤلاء الإسرائيليين للتحقيق الذي لم يعلن شئ عن نتائجه إلي اليوم. وقد تم ترحيلهم إلي فلسطين المحتلة دون أدني عقاب, وقد تكرر هذا الموقف في حالات عديدة سابقة.
في هذا الإطار ذكر د. زغلول النجار أنه قد سجل علي المجرم العتيد نيتانياهو أنه هدد بحرق أمريكا, وسبق للإسرائيليين إغراق الباخرة الأمريكية ليبرتي في المياه الإقليمية المصرية سنة1967 م, وأنهم خططوا لقتل الرئيس السابق كيندي, وسرقوا العديد من الأسرار العسكرية التقليدية, وغير التقليدية من المراكز الغربية, وأسقطوا عددا من الطائرات المدنية, واغتالوا العديد من العلماء المسلمين وغير المسلمين.
ثالثا: ورأي ينادي بأن المخططين لهذه الجريمة هم أجهزة المخابرات الأمريكية ذاتها, لاتخاذها ذلك الحادث ذريعة لغزو أفغانستان, وإقامة عدد من القواعد العسكرية الأمريكية في قلب آسيا والاستيلاء علي نفط بحر قزوين.
وانطلاقا من ذلك فإننا لا نستبعد أن يكون الشياطين الذين انتجوا هذا الفيلم الساقط هم أنفسهم شياطين11 سبتمبر سنة2001 م من غلاة الصهاينة وغلاة الصليبيين الذين أفزعهم سرعة انتشار الإسلام في عالم اليوم كما أفزعهم ثورات الربيع العربي التي أعادت الإسلام إلي سدة الحكم في عدد من الدول العربية وعلي رأسها مصرنا الحبيبة.
أما مقام رسول اللهـ ـ صلي الله عليه وسلمـ ـ فهو مرفوع عند كل من أهل السماء وأهل الأرض يصلي ويسلم عليه ملايين المسلمين عشرات المرات في كل يوم وليلة كما تمدحه الملائكة وتصلي وتسلم عليه في كل وقت وفي كل حين. وفوق كل ذلك كله يباركه رب العالمين الذي قال: [إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما] (الأحزاب: 56).
وقال: [ألم نشرح لك صدرك, ووضعنا عنك وزرك, الذي أنقض ظهرك, ورفعنا لك ذكرك, فإن مع العسر يسرا, إن مع العسر يسرا, فإذا فرغت فانصب, وإلي ربك فارغب] (الشرح: 1- 8).
وليس هذا فقط بل إن اللهـ ـ تعاليـ ـ قد أمر جميع الأنبياء والمرسلين السابقين أن يؤمنوا بنبوته, وأن يبشروا بمقدمه الشريف. ولا يزال ما بقي من الحق القديم في كتب الأولين شاهدا علي ذلك.
كذلك أنطق اللهـ ـ تعاليـ ـ آلافا من غير المسلمين من كبار العلماء والفلاسفة, والأدباء والشعراء, والمؤرخين أن يمتدحوا هذا الرسول الخاتمـ ـ صلي الله عليه وسلمـ ـ تقديرا لجهوده الجبارة في تنوير بصائر الناس في زمن كان قد عم فيه الكفر والشرك, والانحطاط.
وكان من هؤلاء الفيلسوف الإنجليزي الشهير توماس كارلايل الحائز علي جائزة نوبل, والذي خصص في كتابه (الأبطال) فصلا عن نبي الإسلام بعنوان: البطل في صورة رسول: محمد نبي الإسلام, عده فيه واحدا من العظماء السبعة الذين أنجبهم التاريخ.
وقد رد كارلايل مزاعم المتعصبين ضد هذا النبي فقال: يزعم المتعصبون من النصاري والملحدون أن محمدا لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية ومفاخر الجاه والسلطان..
كلا وألف كلا! , لقد كانت في فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار والفلوات، المتورد المقلتين, العظيم النفس المملوءة رحمة وخيرا وحنانا وبرا وحكمة وحجي وإربة ونهي, أفكار غير الطمع الدنيوي, ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه.
وكيف لا وتلك نفس صامتة, ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين. ويقول أيضا: وقد رأيناه طول حياته راسخ المبدأ, صادق العزم, كريما برا, رؤوفا, تقيا, فاضلا, حرا, رجلا شديد الجد.
مخلصا, وهو مع ذلك سهل الجانب, لين العريكة, دائم البشر والطلاقة, حميد العشرة, حلو الإيناس, بل ربما مازح وداعب, ولقد كان عادلا, صادق النية, ذكي اللب, شهم الفؤاد، لوذعيا, كأنما بين جنبيه مصابيح كل ليل بهيم, ممتلئا نورا, رجلا عظيما بفطرته, لم تثقفه مدرسة, ولا هذبه معلم, وهو غني عن ذلك.
وبعد أن أفاض كارلايل في إنصاف النبي محمد ختم حديثه بهذه الكلمات: هكذا تكون العظمة, هكذا تكون البطولة, هكذا تكون العبقرية. كذلك ذكر الروائي والفيلسوف الروسي الكبير تولستوي في مقالة له بعنوان (من هو محمد؟): إن محمدا هو مؤسس ورسول, كان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة.
ويكفيه فخرا أنه أهدي أمة برمتها إلي نور الحق, وجعلها تجنح إلي السكينة والسلام, وتؤثر عيشة الزهد وأنه خلص هذه الأمة الذليلة الدموية من مخالب شياطين العادات الذميمة ومن سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية.
وفتح لها طريق الرقي والمدنية, وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة, ورجل مثله جدير بالإحترام والإجلال.. وفي رأيي أن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة. ويقول: وإني لأحب محمدا لبراءة طبعه من الرياء والتصنع.
هذه الشهادات وأمثالها بالمئات هي خير رد علي الشياطين الذين يحاولون التطاول علي سيد الأولين والآخرين من ولد آدم ولن يفلتوا من عقاب الله في الدنيا قبل الآخرة.
الكاتب: د. زغلول النجار
المصدر: موقع المستشار